نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية تحقيقاً مطولاً عن جماعة الإخوان المسلمين، قالت فيه إن الربيع العربى منح الجماعة وفروعها فرصة للعب أدوار حيوية فى الثورات المصرية والتونسية والليبية، غير أن التنظيم يجد نفسه الآن هدفاً للاحتجاجات العنيفة، فمن هم إذن هؤلاء الرجال “أعضاء” الجماعة؟ وكيف وصلوا إلى ما هم فيه الآن؟
وتحدثت الصحيفة فى البداية عن أحداث العنف فى المقطم أمام مقر جماعة الإخوان المسلمين فى يوم 22 مارس الماضى، وقالت إن المكان الذى وقع فيه القتال بين أنصار الإخوان ومعارضيها كان هاما بقدر الحدث نفسه، فمنذ الثورة التى أطاحت بمبارك، اعتاد المحتجون أن يركزوا انتباههم على مؤسسات الدولة، ومهاجمة مكاتب الإخوان المسلمين كجزء من عنف أكبر، إلا أن الشهر الماضى، استهدف المحتجون فقط مقر جماعة الإخوان المسلمين وكانت النتيجة واضحة، فبالنسبة للمعارضين، أصبحت الجماعة الآن عدوا لأهداف الثورة مثل الشرطة والجيش وحتى مبارك، على حد قول الصحيفة، وحسبما تقول إحدى المحتجات على الإخوان، فإن حسنى هو مرسى وهى الثورة نفسها.
ولائحة الاتهام ضد الإخوان طويلة، لكن لو تم إيجازها فى انتقاد واحد، فربما يكون أن الديمقراطية لا تنتهى عند صناديق الاقتراع، بينما يتصرف الإخوان وفروعهم كما لو أنها كذلك.
وتناولت الصحيفة غضب المعارضة من مرسى بسبب الصلاحيات الكاسحة التى منحها لنفسه فى الإعلان الدستورى الصادر فى نوفمبر الماضى، قبل أن يسرع فى إقرار الدستور الذى يوجد به غموض بشأن حقوق المرأة والأقليات بينما يمهد الطريق لإقامة دولة إسلامية.
ونقلت الجارديان عن خالد فهمى أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، قوله إن مبعث القلق العام هو أخونة الدولة، والمخاوف الأكثر تحديداً تشمل الشرطة التى لم يفعل مرسى شيئا لإصلاح وحشيتها، إلى جانب نوبات كراهية النساء غير العادية، والتى تجلت فى موقف الإخوان الشهر الماضى من وثيقة حقوق المرأة الصادرة عن الأمم المتحدة.
ورأت الصحيفة أن مثل هذه المواقف، ورغم أنها ليست أسوأ مما كان يحدث فى عهد مبارك فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين، إلا أنها فى الحقيقة تنذر بإيران ثانية.
لكن جماعة الإخوان المسلمين من جانبها، لا ترى هذه الاتهامات فى نفسها تقريباً، فوفقا لرؤيتها، فإن الحركة التى عانت طويلا بقاعدة دعم شعبية وتاريخ ثرى من العمل الاجتماعى على مستوى القاعدة الشعبية تبذل أقصى جهودها فى محاولة إصلاح الظروف الاقتصادية، ورغم أن الغضب ربما يزداد تجاه الإخوان فى كل مستويات المجتمع المصرى مع ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع مستوى المعيشة، إلا أن الإخوان لا يزالوا يشعرون أنه لا يزال لديهم تفويض الحكم لاسيما وأن ذراعها السياسى، حزب الحرية والعدالة قد فاز فى كل الانتخابات التى أجريت منذ عام 2011.. وتعتبر الجماعة أن منتقديها من النخبة الحضرية بعيدون كل البعد عن مشاعر المصريين العاديين.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات سابقة لجهاد الحداد، المتحدث باسم الجماعة، والتى قال فيها إنه أمر مخيف لهم الاعتقاد بأن هذا العدد من الناس يؤمن بنفس الأشياء ويدعمون نفس الرجل، وأضاف فى الواقع الإخوان المسلمين هم على الأرجح الحركة السياسية السلمية الأكثر نضجا فى الشرق الأوسط.
وتحدثت الصحيفة عن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها قبل أكثر من 80 عاماً وتكوين فروع لها فى العالم العربى فى سوريا وليبيا وتونس والمغرب، وتنقل عن أليسون بارتجيتر، فى الطبعة الجديدة من السيرة الذاتية للجماعة التى أعدتها، قولها إن الإخوان تحولوا من معارض شبه سرى إلى سلطة سياسية شرعية بين عشية وضحاها.
من جانبه، يقول شادى حميد الخبير بمركز بروكنجز، إنه هناك دائما إحساس بأن حركة النهضة فى تونس هى من نفس مدرسة الإخوان المسلمين، فجميع الأحزاب الإسلامية فى الكويت وليبيا والأردن وسوريا وتونس فروع للإخوان المسلمين فى مصر التى تعد أم كل الحركات الإسلامية.
وتشير الجارديان إلى أن الإخوان ليسوا متنوعين بدرجة كبيرة ليكونوا قوة دولية متماسكة. ويقول حميد إن التنظيم الدولة للإخوان لا يملك السيطرة حقا على الفروع الأخرى، نعم هناك تشاور ودرجة معينة من التنسيق ولكن الأمر ليس كما لو أن التنظيم الدولة تشرف على مؤامرة إقليمية شاملة، لا يوجد شيا من هذا القبيل حقا.
ففى أعقاب الخلاقات داخل الحركة، فإن ما كان يوما ما فروعا للجماعة فى الجزائر والعراق لم يعد جزءا من التنظيم الأم، على الرغم من أن العلاقات بين أغلب الفروع الأخرى لا تزال ودية.
يتابع حميد: لديهم علاقات دافئة وودية والكثير منهم عاشوا مع بعضهم فى المنفى، مثل لندن، لذلك عندما نراهم فى المؤتمرات يتعانقون يكونون سعداء لرؤية بعضهم البعض لأنهم يعترفون أنهم يتشاركون مشروعا متشابها، حتى وإن كان بعض منهم قد ذهب فى اتجاهات مختلفة بقدر ما على مدار العقود القليلة الماضية، مثلما هو الحال بالنسبة لحركة النهضة التونسية. فبينما يتشارك الإخوان فى مصر والنهضة فى تونس نفس الأهداف الأساسية إلا أنهم يعملون فى بيئتين سياستين مختلفتين ويتصرفون وفقا لذلك.
وتطرقت الصحيفة إلى الواقع الحالى فى مصر وتجربة الإخوان المسلمين فى الحكم والانتقادات التى توجهها إليهم المعارضة وأبرزها استمرار وحشية الشرطة رغم وعوده بالإصلاح، ونقلت عن هبة مورايف، مدير منظمة هيومان رايتس ووتش بمصر قولها إن مشكلة مرسى لا تكمن فقط فى عدم قيامه بأى تغييرات، ولكن أيضا فى عدم اعترافه أمام الرأى العام بأن هناك مشكلة خطيرة فى إصلاح الشرطة.
من ناحية أخرى، تذهب الصحيفة إلى القول بأن المحللين يرون أن الإخوان قبل الثورة اعتمدوا على قدرتهم على تجاوز عقبة لعبة السياسات العلمانية القذرة، سواء من خلال اتصالها بالمواطنين العاديين ومن خلال تقديمها بديل لم يتم تجربته بعد وهو الإسلام السياسى، إلا أن هذا التيار فقد الكثير من براءته بعد وصوله إلى السلطة وتخلى عن العمل الاجتماعى وشوهته الإخفاقات الحكومية، ويقول حميد لقد كان هناك وقت كان يمكن أن تكون فيه جزء من الإخوان دون أن تعبأ للسياسة، كان الأمر يتعلق بالتدريس والتعليم والخدمات الاجتماعية، لكن الآن، الإخوان تهتم أكثر بالسياسة التى استهلكت التنظيم.
ويخلص حميد إلى القول بأن التحدى الأكبر الذى يواجه الإخوان هو كيفية التوازن بين مطالب حركة دينية بأهداف سياسية محددة.
“اليوم السابع”