“كنت متخيل إن الشرطة بعد الثورة اتغيرت”.. بهذه الكلمات بدأ أحمد رجب أحمد حسن وشهرته “معاذ عطيتو”، ابن محافظة الأقصر، والذى ينتمى لمدينة القرنة، والطالب بكلية الطب الفرقة الثالثة جامعة الأزهر فرع أسيوط، والذى قطع الأميال والمسافات من قريته حتى يكمل دراسته الجامعية بطب أزهر أسيوط، حديثه لـ”اليوم السابع”، وهو فى حالة نفسية سيئة، قائلاً، لم أكن أصدق أن يحدث هذا معى، وأنا الذى لم أرَ قسم شرطة ولم أدخله قبل ذلك، فكانت كل حياتى بين الدراسة والعلم، خاصة أننى أنتمى لعائلة الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ولقد رأيت كل أنواع الإهانة، من سب وشتم وسحل وضرب بالكرباج ولطم على وجهى، داخل قسم أول أسيوط، على يد أحد ضباط الشرطة، الذى كان يناديه بعض أفراد وأمناء الشرطة بـ”شهاب بيه”.
وقال معاذ، بدأت القصة عندما ذهب طالبان من أصدقائنا فى السكن بالفرقة الأولى بكلية الطب إلى سنتر تجارى بأسيوط، يضم بعض المحلات التجارية، فحدثت مشادة كلامية بينهم وأحد أصحاب المحلات التجارية، فقاموا بالتعدى عليهم، فعاد زملاؤنا إلى السكن وحكوا لنا ما حدث معهم، فنزل منا عدد كبير إلى مكان وقوع المشادة والخلاف، لكى نسأل عمن تعدى عليهم لنعرف ما السبب ومن المخطئ، وقبل أن نصل اتفقنا ألا ندخل كلنا حتى لا يتصور أصحاب المحلات أننا جئنا للاحتكاك بهم أو التشاجر معهم أو بقصد التخريب، فدخل ثلاثة أو أربعة منا وسألنا عمن قام بالتعدى على زملائنا، فرد علينا من كان موجودا بأنهم غير موجودين، وظللنا لأكثر من ساعة نطلب منهم إظهار من قام بالتعدى على زملائنا، إما أن يعتذروا أو نقدم ضدهم بلاغاً إلى قسم الشرطة، فقام الأمناء والمخبرون بالاتصال بالمباحث بقسم أول أسيوط، فجاء أول ضابط مباحث لمكان الواقعة فتحدث مع أبناء عم أحد المتعدى عليهم وطلب منهم أن يأتوا معه إلى مقر قسم الشرطة ليقوموا بتحرير محضر بالواقعة، وأثناء الحوار وصل ضابط آخر، وعندما نزل من سيارته قام بتوجيه السباب والشتائم والألفاظ الخارجة لنا، وقال أين المخبرين الموجودين بالمكان؟، فاكتشفنا أن كل الموجودين حولنا مخبرون وأمناء شرطة، وليسوا أصحاب السنتر، فقام بإخراج كرابيج من سيارة البوكس التى يستقلها، وقام الخفراء والأمناء بضربنا بهذه الكرابيج، مع السب والشتم، فقلت لزملائى، نحن لم نفعل شيئاً حتى نتعرض لهذه الإهانة، وطلبت منهم أن نعود حتى نحرر محضرا لمن تعدى على زملائنا، فسمعنى الضابط وقام بالإمساك بى، وقال فى لهجة تهكمية، “يعنى أنت اللى راجل فيهم”، وطلب من أمناء الشرطة اصطحابى إلى سيارة الشرطة، وحاول زملائى منع الأمناء من اصطحابى، ولكنهم دفعونى بقوة إلى السيارة، حتى إنه حاول أحد أصدقائى ويدعى “إبراهيم”، بالفرقة الثانية طب، أن ينقذنى منهم فألقوا القبض عليه هو الآخر وركب الضابط الذى كانوا ينادوه بـ”شهاب بيه” السيارة وقادها بنفسه بأقصى سرعة إلى قسم الشرطة، وبمجرد وصولنا قاموا بإلقائنا من السيارة على الأرض، ونزل من السيارة، وقال لخفراء وأمناء القسم “روقولى دول”، فأدخلونا من أول باب القسم وحتى مكتب رئيس المباحث بالضرب والشتائم، حتى إن كل 20 أمين شرطة كان يتعدى على شخص منا، ولم يدخلونا المكتب، ولكن اصطحبونا إلى مكان به دورات مياه بالضرب والشتائم، فقلنا لهم يا جماعة إحنا طلبة فى طب أزهر، وما يصحش يحصل معانا كده، فقام بالسب للطب وللأزهر وسب لكل المتعلمين، وقال لنا “أنتوا دكاترة تحت الجزمة، والدكاترة دول مالهمش قيمة عندى، ومستقبلكم هايضيع على أيدى”، وأعطى أمراً للأمناء بوضع الكلابش فى أيدينا، وبدأ يجلد فينا، فضلاً عن الشتيمة بالوالدين والإهانة التى ليس لها حدود، حتى إن الإهانة “وجعتنا أكثر من الضرب”، وضرب على الوجه واليدين والرجلين وكل أنحاء الجسم، وبعدين جابوا زميلنا الثالث وكانوا قد سحلوه فى الشارع، وجاء بملابس ممزقة وحافى وجلدوه معنا فى القسم، وبعدين ألقوا القبض على 8 آخرين ليس لهم علاقة بالمشكلة وأخذوا منا كل متعلقاتنا الشخصية وتليفوناتنا الشخصية، وعندما جاء أحد المتعدى عليهم لتحرير محضر لطمه رئيس المباحث على وجهه، وقال له “أنت سيقبض عليك بتهمة التحرش”، وكتب أسماءنا كل اثنين لفق لهما محاضر ملفقة، وهو بنفسه قال “سألفق لكم محاضر لن تخرجوا منها”، ومن الواضح أن أحد زملائنا له قرابة ووساطة فى الشرطة ضغطت على رئيس المباحث، مما تسبب فى غضبه، وغادر القسم وبعدين أتوا بأصحاب السنتر وأحد الضباط قال لنا أمامهم، لولا هؤلاء الناس المحترمين لكنت قضيت على مستقبلكم.
وبعد خروجنا من القسم توجهنا لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة، واتصلوا ببعض، وعقدوا لقاءً بمقر نادى أعضاء هيئة التدريس وقرروا عمل بلاغ فى النيابة العامة حمل رقم 2695 لسنة 2013 إدارى أول أسيوط، وكلمنا نائب رئيس الجامعة فأرسل معنا أحد المحامين إلى النيابة، وتم عرضنا على الطب الشرعى، ونحن فى انتظار التقرير.
وطالب معاذ بتقديم كل من ساهم فى تعذيبه وجلده، هو وزملائه، للمحاكمة الفورية، قائلاً، “لن أترك حقى أبداً طالما أننى على قيد الحياة”.
من جهته، قال شهاب جابر، رئيس مباحث قسم أول أسيوط، إن كل الاتهامات التى أسردها الطالب لى ولقسم الشرطة ليس لها أى أساس من الصحة، وإنما هى افتراء، مضيفا أن القصة بدأت حينما تلقيت عشرات الاتصالات التليفونية التى تفيد تجمع أكثر من 40 شخصاً بالمطاوى والسنج عند منطقة السنتر، وبالفعل تحرك ضباط القسم إلى حيث مكان البلاغ، ووجدوا تجمعا كبيرا لأشخاص بالسنج والمطاوى بعد الساعة 12 صباحا، وبمجرد رؤيتهم سيارات الشرطة هرب عدد كبير منهم، إلا حوالى 15 شخصاً رفضوا أن يغادروا المكان، وبسؤالنا عن أسباب المشكلة قال أحد الباعة الجائلين، “صاحب فرش”، إن أحد هؤلاء الطلاب المتجمعين قام بالتحرش بفتاة كانت تسير بنفس الشارع، فحدثت بينى وبينه مشادة كلامية ونشبت على إثرها مشاجرة، وبعدها ذهب، وأتى لى بأصدقائه لكى يتشاجروا معى، فطلب الضباط الموجودون بمكان الخلاف من الطلاب والبائع الجائل التوجه إلى القسم لإنهاء المشكلة فرد أحدهم متهكما، هو فى حكومة دلوقتى بقيت الحيطة المايلة، إحنا فى الأزهر ولا نعرف إلا القصاص، وإحنا ماشيين بشرع الله، فرد الضابط “ورونا هتاخدوا القصاص إزاى”، وبعدين اصطحب الضباط 11 منهم إلى القسم ولم أذهب أنا مطلقا لمكان الواقعة، ولكن ما قلته رواه الضباط لى وعندما أتوا إلى القسم سألت الشابين المتهمين بالتحرش “أنتم عملتوا كده؟” فرد أحدهم، لا والله لم نفعل ذلك، ولكن قلت لزميلى أنت شايف بنطلون البنت دى، فقلت له جميل، “فقلت له إن ما قمتم به عيب، وأنتم طلبة محترمين وشكلكم ولاد ناس وقلت لهم من منكم فى كلية الحقوق، فقال اثنين منهم فقلت لو قمت بتحرير محاضر ضدكم لا يستطيع أى أحد منكم التقديم فى وظائف محترمة مثل النيابة العامة، ومن منكم فى طب أو صيدلة لأنه سوف لا يتمكنون من التقديم فى شركات للعمل إن قمت بإثبات الحاضر ضدكم لكنكم أبناء ناس محترمة ولن أحرر لكم محاضر لأنه ليس لكم سوابق أو غيرها وحرام عليكم أن تأتوا للتعليم وتعودوا جثثا لأهاليكم، حتى إن أحده طلب كوب ماء كان على مكتبى للشرب، فأعطيته له وجاء أحد أقاربهم واعترف بخطاهم أمامى وأقسم رئيس المباحث أنه طلب من البائع الجائل وأقاربه التنازل عن الطلبة بدلا من أن يضيع مستقبلهم، وقمت بعمل محضر تصالح بين الطرفين حمل رقم 2639 إدارى أسيوط لسنة 2013 وقال رئيس المباحث، لماذا فكر الطالب بعد مرور أكثر من 4 أيام على الحادث فى الظهور فى الإعلام، كما أننى لم أكن بمكان الواقعة كما ذكر الطالب، واختتم الضابط كلامه بـ”حسبى الله ونعم الوكيل”.
“اليوم السابع”