“فى حد فى الدنيا يقتل أخوه الوحيد.. للأسف أنا عملت كدا، فيه حد يقتل أعز الناس عشان 150 جنيه.. للأسف برده أنا عملت كدا..ودا كله بسبب البرشام.. خسرت أخويا وخسرت نفسى..الله يكون فى عون أمى الست المسكينة ويصبرها واحد من أولادها مات والتانى دخل السجن”.. كانت هذه الكلمات للمتهم بقتل شقيقه فى البدرشين.
وأضاف المتهم “سيد.ص.ع”، فى حديثه لـ، “أنا عندى 21 سنة ولا أجد عملا ولم أكمل تعليمى مثل باقى أقرانى، وكنت أعيش برفقة والدتى وشقيقى الأكبر “محمد” 25 سنة، بعدما مات والدى، حيث كان شقيقى يصرف علينا جميعا ـ أنا وأمى وزوجته وأولاده ـ وكان يحبنى مثل أولاده تماما ويلبى جميع مطالبى بالرغم من أن سنى تخطت العشرين عاما إلا أنه كان يعطينى مصروفى”.
ويواصل المتهم حديثه “كان شقيقى يحبنى بجنون و”ما يستحملش فىّ شكة الشوكة” وكنت بعمل له مشاكل كتير فى المنطقة، لكنه كان صبورا لأقصى درجة، وكان يقول لأمى لا تغضبى “هيجى يوم على “سيد” ويكبر ويتحمل المسئولية مثلى، ومن ثم كنت أحبه كثيرا ولا أعتبره أخى الأكبر فقط وإنما والدى حيث لمست فيه حنان الأب وخوفه على أبنائه وحكمته وصبره، وكنت دائما أقول “اللى هيرش أخويا الكبير فى يوم من الأيام بالميه هرشه بالدم” ولم أتوقع أن تكون نهايته على يدى أنا “يا ريت كانت اتشليت قبل ما تقتله”.
ويدخل المتهم فى نوبة بكاء طويلة، ويتوقف عن الحديث لعدة دقائق، ثم يتمالك أعصابه ويتحدث عن يوم الحادث ويقول “عدت إلى المنزل فى وقت متأخر من الليل كعادتى ووجدت شقيقى “محمد” سهران، وطلبت منه 150 جنيها، إلا أنه رفض هذه المرة، مبررا رفضه بأننى أصرف الأموال على “البرشام” فى حين أنه حصل عليها بعد دموع وعرق وعمل شاق طوال النهار، ومن ثم حدثت بيننا مشادات كلامية، واحمر وجه “محمد” وصرخ فى وجهى قائلا “يا أخى حس على دمك بقى وارحمنى وانزل اشتغل دا أنت بقيت أطول منى” مما أثار حفيظتى، ولأول مرة رفعت صوتى على أخى وبادلته الشتائم، فكنت لا أدرى بنفسى لأننى كنت “جاى من سهرة وواخد شوية ترامادول”، ولم أدرِ ماذا أقول، كان هدفى الأول والأخير الحصول على الـ150 جنيها من شقيقى لكى أشترى “البرشام”.
وتابع المتهم نحيف الجسد قصير القامة، حاول شقيقى أن يصفعنى بيده على وجهى وهو يردد “طيب أنا هعلمك الأدب وهاربيك من جديد ما دام أنت ما ينفعش معاك الذوق”، إلا أننى أسرعت من أمامه، ووضعت يدى فى “جيب البنطلون” ووجدت مطواة قرن غزال كانت بحوزتى، فأخرجتها وعندما اقترب منى شقيقى مرة أخرى وضعت له المطواة فى بطنه، فسقط غارقا فى دمائه.
ويضيف، “صراخ.. ودموع.. ودماء على الأرض.. هكذا كان المشهد وقتها، حيث استيقظت أمى على صوت المشاجرة وصرخت بأعلى صوتها عندما شاهدت شقيقى قتيلا، وراحت تضرب بيدها الملطخة بدمائه على صدرى ووجهى مرددة “قتلت أخوك يا ابن الــ… دا هو اللى رباك وعمل منك بنى آدم حرمته من عياله الصغيرين حسبنا الله ونعم الوكيل”.. وكانت كلمات أمى قاسية على قلبى، ودموعى لا تتوقف، ولم أصدق عقلى أننى بالفعل قتلت أعز الناس إلى قلبى، ووقفت بجوار الجثة عدة دقائق فى حالة ذهول وكأننى أنتظر “محمد” أن يستيقظ مرة أخرى، فيما حضرت زوجته وطفلاه “عبد الرحمن” و”فرح” واختلط بكاء الجميع.
وعن شعوره بعد ارتكابه للواقعة قال: هفضل طول العمر حزين عليه وعمرى ما هسامح نفسى على اللى عملته، فعلا دى نهاية اللى بيتعاطى “البرشام” يقتل يسرق يغتصب يعمل أى حاجة، ويا ريت إيدى كانت أصيبت بالشلل قبل ما تتمد على شقيقى، لا أستطيع أن أرى ابنى “المرحوم” الصغيرين فأنا الذى حرمتهما منه، وتسببت فى حرقة قلب أمى على ابنها القتيل والآخر السجين.
كان العميد جمال نفادى مأمور مركز شرطة البدرشين قد تلقى بلاغا من الأهالى بمقتل مواطن، فانتقل المقدم محمد غالب رئيس المباحث ومعاونه الرائد هانى إسماعيل إلى مكان الواقعة، وتبين أن الجثة لحداد ومرتكب الجريمة شقيقه، فألقى العميد خالد عميش مفتش مباحث الجنوب بإشراف اللواء محمود فاروق رئيس المباحث الجنائية القبض على المتهم الذى انهار واعترف تفصيليا بارتكابه للجريمة أمام اللواء محمد الشرقاوى مدير المباحث وأحاله اللواء عبد الموجود لطفى مدير أمن الجيزة للنيابة لمباشرة التحقيقات.
“اليوم السابع”